الأقوال المأثورة

أعلم أنه يتأكد في حق الناس عامة وأهل بيت رسول الله ﷺ رعاية هذه الأمور:

الاعتناء بتحصيل العلوم الشرعية وآدابها وآداب العلماء فإنه لا فائدة في نسب من غير علم.

ترك الفخر بالآباء وعدم التعويل عليهم من غير إكتساب العلوم الدينية. فقد قال الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله اتقاكم). وفي الصحيحين قيل: يا رسول الله من أكرم الناس قال: (اتقاهم). وروى بن جرير وغيره: (إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة إلا عن أعمالكم، إن أكرمكم عند الله اتقاكم). وروى مسلم من جملة حديث: (من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه) ولقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته على تقوى الله وخشيته، وأن لا يؤثروا الدنيا على الآخرة اغترارًا بأنسابهم، وأن أولياءه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة المتقون مَن كانوا وحيث كانوا.

تعظيم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؛ لأنهم خير الأمم، قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) الآية. وخير قرون هذه الأمة ما جاء في الحديث المتفق على صحته: "خير القرون قرني"، وقد جاءت الأحاديث الدالة على فضلهم وكمالهم ووجوب محبتهم وبراءتهم من النقائض والجهالات. فاحذر أن تكون إلا مع السواد الأعظم من هذه الأمة أهل السنة والجماعة، وحاذر أن تتخلف مع أولئك المتخلفين عن الكمالات، إخوان الهوى والبدع والضلال والجهالات، فلا ينفعك حينئذ نسب، وربما سُلبت الإسلام.

إن الغيرة على ضبط هذا النسب الشريف من أولى العلم والفضل أو ممن ينتسبون إليه وضبطه حتى لا ينتسب إليه أحد إلا بحق. وروى الإمام البخاري أنه الله قال: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه، وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار). وروى الإمام مسلم أنه قال له: (من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلاً). لم تزل أنساب أهل البيت النبوي مضبوطة على تطاول الأيام، وأحسابهم التي بها يتميزون محفوظة بتصحيحها في كل زمان، وحفظ تفاصيلها في كل أوان وخصوصاً أنساب الطالبين والمطلبين. ومن ثم وقع الاصطلاح على اختصاص الذرية الطاهرة ببني فاطمة الزهراء: (الحسن والحسين) من بين ذوي الشرف. وفي الحديث الصحيح (من أحب قومًا رجي أن يكون معهم).

اعلم أن ما أصيب به الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في يوم عاشورا إنما هو الشهادة الدالة على حظوته ورفعته ودرجته عند الله، فمن ذكر ذلك اليوم مصابه لا ينبغي أن يشتغل إلا بالاسترجاع؛ امتثالاً لقول الله عزمن قائل: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). ويجب أن لا يشتغل ببدع الرافضة ونحوهم من الندب والنياحة والحزن، إذ ليس ذلك من أخلاق المؤمنين، وإلا كان يوم وفاته أولى بذلك وأحرى. أو ببدع الناصبة المتعصبين على أهل البيت من إظهار الفرح والسرور وإظهار الزينة فيه، فصار هؤلاء لجهلهم يتخذونه موسماً، وأولئك لرفضهم يتخذونه مأتما، وكلاهما مخطئ ومخالف للسنة.